الوسائل المعينة على الصدق

إذا تمكن الصدق من القلب سطع عليه نوره، وظهرت على الصادق آثاره، في عقيدته
وعباداته،وأخلاقه وسلوكياته،وإليك بعض الوسائل التي تعين على الصدق :
  أن نستشعر أن الله يراقبنا
إن إيمان المرء بأن الله عز وجل معه، يبصره ويسمعه؛ يدفعه للخشية والتحفظ،   وعندما يستحضر أن كلماته وخطراته، وحركاته وسكناته كلها محصية مكتوبة: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 18]، فإن ذلك يقوده إلى رياض الصدق في الأقوال والأعمال والأحوال.
  الحياء
الحياء يحجب صاحبه عن كل ما هو مستقبح شرعًا وعرفًا وذوقًا، والمرء يستحيي أن يعرف بين الناس أنه كذاب، وهذا هو الذي حمل أبا سفيان -وهو يومئذ مشرك- أن يصدق هرقل وهو يسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو سفيان: (فو الله لولا الحياء من أن يأثروا عليَّ كذبًا لكذبت عنه)   والمسلم أولى بالحياء من ربه أن يسمعه يقول كذبًا، أو يطلع على عمل، أو حال هو فيه كاذب  .
   صحبة الصادقين
فقد أمر الله -عز وجل- المؤمنين أن يكونوا مع أهل الصدق، فقال –عز وجل-: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [التوبة: 119]، أي: اقتدوا بهم واسلكوا سبيلهم، وهم الذين استوت ظواهرهم وبواطنهم، ووفوا بعهودهم وصدقوا في أقوالهم وأعمالهم  .
 فالصادق الذي أثر الصدق في قلبه، يضيق بصحبة أهل الغفلة والكذب  فلا يصحبهم إلا لضرورة من دين أو دنيا؛ ذلك لأن ((المرء على دين خليله)) ، والصاحب ساحب، وكل قرين بالمقارن يقتدي؛ ولهذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } [الكهف: 28  فمجالسة الصالحين نعمة يستعين بها المرء للوصول إلى رضا ربه .
  معرفة وعيد الله وعذابه  للكذابين  وجزاء الصادقين ومكانتهم 
قد جاءت النصوص الكثيرة التي تحذر من الكذب، وتبين سوء عاقبته في الدنيا والآخرة؛ ولهذا فإنَّ تذكير النفس بها، مما يعين المرء على الصدق في أحواله كلها .
 إشاعة الصدق في محيط  الأسرة وتحري الصدق واتخاذه عاده :
الإسلام يوصي أن تغرس فضيلة الصدق في نفوس الناس منذ الصغر، حتى يشبوا عليها، وقد ألفوها في أقوالهم وأحوالهم كلها فعن عبد الله بن عامر قال: ((دعتني أمي يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: تعال أعطك، فقال لها صلى الله عليه وسلم: ما أردت أن تعطيه؟ قالت: أردت أن أعطيه تمرًا، فقال لها: أما لو لم تعطه شيئًا كتبت عليك كذبة.))
وتعويد النفس على الصدق وترويضها حتى يصبح خلقاً ملازماً لها حتى تكتب عند الله من الصديقين .
   الثبات على الاستقامة وتلافي التقصير واستدراك التفريط
فالصادق متمسك بدينه عقيدةً وشريعةً، عبادةً ومعاملة، سلوكًا وهديًا؛ والتزامه بهذا الدين ليس انتقائيًّا، يلتزم بما يهوى، ويترك ما لا يروق له ولا تشتهيه نفسه، كما أنَّه التزام ثابت راسخ غير متذبذب ولا متردد.
  البعد عن مواطن الريب  قال صلى الله عليه وسلم : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنَّ الصدق طمأنينة والكذب ريبة) فيه إشارة إلى الرجوع إلى القلوب الطاهرة والنفوس الصافية عند الاشتباه، فإن نفس المؤمن جبلت على الطمأنينة إلى الصدق، والنفرة من الكذب   .
  أول خطوة عملية أن تكون صادقا فعلا في طلب العون من الله أن يرزقك الصدق  في الدعاء   
لما كان حمل النفس على الصدق في جميع أمورها شاق عليها، ولا يمكن لعبد أن يأتي به على وجهه إلا بإعانة الله له وتوفيقه إليه، أمر الله نبيه أن يسأله الصدق في المخرج والمدخل، فقال عز وجل: { وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا }. [الإسراء: 80]  
  فاحرصي أخيه رعاك الله على الصدق في الظاهر والباطن تكوني من الفائزين، والله نسأل أن يجعلنا من الصادقين، وأن يلهمنا الرشد والصواب والتوفيق والسداد أنه على ما يشاء قدير، والحمد لله رب العالمين .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق